الأحد، 15 مايو 2016

خطبة عن التوحيد - عبدالرحمن المقيبلي

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، إليه المستند وعليه المعتمد
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا
نصب الجبال فأرساها ، وأرسل الرياح فأجرها ، ورفع السماء فأعلاها وبسط الأرض فدحاها ،
نِعَمُه تَترَى، وَفضلُهُ لا يُحصى، وإليه وحدَهُ تُرفعُ الشَّكُوى
يـا من إلـيه جميـع الـخلق يبتهـل * وكـل حـيّ علـى رحمـاه يتكـل
يـا من نأى فرأى ما في القلـوب وما * تـحت الثرى وحجاب الليل منسـدل
أنـت المنـادى بـه في كل حادثـة * وأنـت ملجـأ من ضاقـت به الحيـل
أنـت الغيـاث لمن سُدَّت مذاهبـه * أنـت الدليـل لمن ضـلت به السبـل
إنـا قصدنـاك والآمـال واقـعـة * عليك ، والكـل ملهـوف ومبـتهل
فإن غفـرت فعن طَوْل وعن كـرم * وإن سطـوت ؛ فأنت الحـاكم العـدل
. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه،  وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
عباد الله
لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ودعا الناس إلى توحيد الله تعالى وترك عبادة الأوثان
والأصنام , حاول كفار قريش أن ينفروا الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم
فقالوا : ساحر وقالوا  كاهن .بل قالوا محمد مجنون  لكنهم وجدوا أن أتباعه يزيدون ولا ينقصون
فاجتمع رأيهم على أن يغروه بمال ودنيا .. ليترك الدعوة إلى التوحيد و محاربة عبادة الاصنام
فأرسلوا إليه حصين بن المنذر الخزاعي .. وهو أبوالصحابي الجليل عمران بن حصين
فدخل حصين ابن المنذر على النبي صل الله عليه وسلم فوقف بين يديه ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم
ما تقوله قريش عادة (فرقت جماعتنا وشتت شملنا وذممت آلهتنا .. وفعلت وفعلت , ولم يأتي أحد قومه بمثل ما جئت به ... فإن كنت تريد مالاً أعطيناك .. وإن أردت نساءً زوجناك .. وإن أردت ملكاً ملكناك ..)
 ومضى في كلامه وإغرائه .. والنبي صلى الله عليه وسلم , ساكت  ينصت لكلامه  ..
فلما انتهى من كلامه .. قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أفرغت يا أبا عمران ..  قال : نعم ..
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم  : فأجبني عما أسألك .. ,قال : سل عم بدالك ,

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم
يا أبا عمران .. كم إلهاً تعبد ؟ قال : أعبد سبعة .. ستة في الأرض .. وواحداً في السماء !!
قال له النبي : فإذا هلك المال .. من تدعو !؟ قال : أدعوا الذي في السماء ..
قال : فإذا انقطع القطر من تدعو ؟ قال : أدعوا الذي في السماء ..
قال : فإذا جاع العيال .. من تدعو ؟ قال : أدعوا الذي في السماء ..
قال : فيستجيب لك وحده .. أم يستجيبون لك كلهم .. قال : بل يستجيب وحده ..

فقال صلى الله عليه وسلم ( كلام معناه) : يستجيب لك وحده .. وينعم عليك وحده .. وتشركهم في
الشكر .. أم أنك تخاف أن يغلبوه عليك .. قال حصين : كلا , هو اقوى منهم ,فقال : له صلى الله
عليه وسلم ياحصين اسلم اعلمك كلمات ينفعك الله بهن فأسلم فعلمه النبي صل الله عليه وسلم أن يقول :اللهم اغفر لي ذنبي وقني شح نفسي ,أو كما جاء في الحديث

إن التوحيد أيها المؤمنين هو أعظم أركان الإسلام ؛ وأكبر دعائمه العظام ؛
و هو الأساس لمغفرة الذنوب، فمن فقدَه فَقَد المغفرَة؛
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

وهو مقدم على كل الأعمال وسابق لكل المهام  وهو حق الله على العباد
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار ،
فقال لي :" يا معاذ ، أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله " ؟ قلت : الله ورسوله
أعلم ؟ قال : " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شينا ، وحق العباد على الله
أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا " قلت : يا رسول الله ، أفلا أبشر الناس ؟ قال : " لا تبشرهم فيتكلوا » . أخرجاه في الصحيحين
ومن حقق التوحيد .. ياعباد الله ..  أدخله الجنة على ماكان من العمل
ففي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم :
 «من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأن الجنة حق والنار حق، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه أدخله الله الجنة على ما كان من العمل»
والموحد مهما عمل من عمل , فإن مآله إلى الجنة , مادام محققا لتوحيد
قال النبي  صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة يوماً من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه»
عباد الله
من ينظر اليوم إلى كثير من بلدان العالم الإسلامي , يتألم ويتحسر على مظاهر الشرك المعلنة
يتألم وهو يرى قبور وأضرحه , يطاف عليها , ويرى الناس عندها يستغيثون بأصحاب هذه القبور , ويدعونهم من دون الله عزوجل
بل ويزعمون أن صاحب القبر , يعلم الغيب ويعلم مافي نفس زائره
ويأتون بالذبائح تذبح عند هذه الأضرحه يتقربون بها لصاحب القبر
وهذه المظاهر للأسف  تنتشر في العالم الإسلامي
بل إن  بعض البلدان الإسلامية , يندر أن تجد فيها جامع خاليا من قبر أو ضريح
بل تمادى الشرك ببعض البلدان أن  القرى التي تخلو من الأضرحة تصبح  مكان لتندر والتهكم والسخرية من سدنة الأضرحة

عباد الله
إنكم تستغربون هذا الأمر , وتتعجبون من هذا الحديث
لأنكم نشأتم في بلاد التوحيد , وتربيتم على العقيدة الصحيحة , وهذه منة من الله وحده ,
وإلا فإن هذه البلاد قبل الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود رحمهم الله
كان الشرك فيها يضرب أطنابه
وكانت القبور والأضرحة منتشرة في جميع أنحاء الجزيرة العربية
في الحجاز وفي نجد وفي شرق المملكة وفي معظم أجزاءها
فكان في نجد مثلا قبر زيد بن الخطاب
يأتون إليه وينادونه: يا زيد أعطنا، يا زيد اشفع لنا, وكان الشيخ محمد بن عبدالوهاب يحضر عندهم
فإذا قالوا : يازيد اشفع لنا , يازيد أعطنا  قال الشيخ : الله أقوى من زيد , الله خير من زيد
فلا يستطيعون أن يقولوا: كذبت، فلم يزل بهم حتى أقنعهم , وهدموا قبة زيد
وكان هناك أيضا نخلة يقال لها : الفحل , فكان عندهم إذا المرأة لم يتقدم أحد للزواج بها , تأتي
تلك النخلة : فتقول يا فحل الفحول.. أريد زوجا قبل الحول. في خيالهم أن هذه النخلة تسبب لها الزواج فأمر الشيخ بقطعها
وغير ذلك من الأضرحة والقبور في الجزيرة العربية
بل إلى عهد قريب قبل توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله
كانت القبور والأضرحة  في مكة والمدينة , منتشرة بشكل كبير
والقبب الشركية مبنية على قبور الصحابة
يذبح عندها لغير الله ويستغاث بأصحاب القبور من دون الله
حتى جاء الفرج وجاء الفتح والتمكين لأهل التوحيد
فأزالوا القبب وحطموا الأضرحة وهدموا القبور , ولم يدعو تمثالا إلا طمسوه , ولا قبرا مشرفا إلا ساووه ,

 فلله درهم من رجال
الحمدلله ثم الحمدلله على نعمة التوحيد

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانِهِ، والشكرُ له على توفيقهِ وامتِنانِهِ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله ، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه
عباد الله
الله الله بحماية جناب التوحيد والحذر من الشرك , بكل أنواعه وأشكاله
سواء كان شركا أكبر أم شركا أصغر
وليحذر المسلم من الذهاب للسحرة والكهنة والعرافين
قال النبي صلى الله عليه وسلم (من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما))
هذا من أتاه وسأله فقط ولم يصدقه , هذا لا تقبل له صلاة أربعين يوما
أما إذا سأله وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد
قال النبي صلى الله عليه وسلم (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد }
و إن من صور إتيان الكهان
الذهاب إليهم , والإتصال بهم , ومشاهدة قنواتهم وزيارة مواقعهم , وكذلك مطالعة أبراج الحظ , وأنه ولد في برج كذا فحظه كذا
فمن فعل ذلك فلا تقبل له صلاة أربعين يوما , فإن صدقهم فقد كفر بما انزل على محمد
فالأمر جدا خطير أيها المسلمون
وإن بعض المسلمين اليوم  يقع في بعض الشركيات وهو لايعلم وذلك مثل
-         الحلف بغير الله : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من حلف بغير الله , فقد كفر أو أشرك)
فلا يحلف المسلم بغير الله تعالى , لا بالكعبة ولا بالنبي ولا بأي شيء من مخلوقات الله
ومن الألفاظ  الشركية المنتشرة عند البعض قول : إِي بِالْعُون ,
وبلعون هذا قيل أنه اسم صنم , كما أورد ذلك الشيخ بكر ابوزيد  في كتابه( معجم المناهي اللفظية)
فلا يجوز للمسلم أن يقول : إِي بِالْعُون
وليحذر من ذلك
ولأن حروف القسم ثلاثة الواو والباء والتاء
والله , وبالله و تالله
فأنت بدل أن تقول بالله تقول بلعون وهذا حلف بغير الله
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : الحلف بالعون لايجوز داخل في حديث
(من حلف بغير الله فقد أشرك)
ولا يجوز أيضا  قول البعض ( لولا الله وفلان ) لكان كذا وكذا
أو قول بعضهم ( هذا من الله ومن فلان )

ويجوز أن يقول ( لولا الله ثم فلان ) و (هذا من الله ثم من فلان )


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق