الحمد لله الذي عاقب بين
الليالي والأيام، ونوع سبحانه بين الشهور والأعوام،
وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه،عز جاهه وجل ثناؤه
وتقدست أسماؤه
يـا من إلـيه جميـع الـخلق يبتهـل ******* وكـل
حـيّ علـى رحمـاه يتكـل
يـا من نأى فرأى ما في القلـوب وما *** تـحت الثرى وحجاب الليل منسـدل
أنـت المنـادى بـه في كل حادثـة ****** وأنـت ملجـأ من ضاقـت به الحيـل
أنـت الغيـاث لمن سُدَّت مذاهبـه ****** أنـت الدليـل لمن ضـلت به السبـل
إنـا قصدنـاك والآمـال واقـعـة ******* عليك ، والكـل ملهـوف ومبـتهل
فإن غفـرت فعن طَوْل وعن كـرم *** وإن سطـوت ؛ فأنت الحـاكم العـدل
يـا من نأى فرأى ما في القلـوب وما *** تـحت الثرى وحجاب الليل منسـدل
أنـت المنـادى بـه في كل حادثـة ****** وأنـت ملجـأ من ضاقـت به الحيـل
أنـت الغيـاث لمن سُدَّت مذاهبـه ****** أنـت الدليـل لمن ضـلت به السبـل
إنـا قصدنـاك والآمـال واقـعـة ******* عليك ، والكـل ملهـوف ومبـتهل
فإن غفـرت فعن طَوْل وعن كـرم *** وإن سطـوت ؛ فأنت الحـاكم العـدل
وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله.
بلغ الرساله وأدى ألأمانه ونصح الأمه
وجاهد
في الله حق جهاده, حتى تركنا على
المحجة البيضاء
ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك
فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر
الميامين
ومن تبعهم بإحسان واقتفى اثرهم إلى يوم الدين
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله حق التقوى،
وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن أجسادكم على النار لاتقوى
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
عباد الله
اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ:
يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا , فأذن الله عزوجل لها بنفسين :
نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ
فأشد الحر الذي نجده في فصل الصيف إنما هو نفس
من جهنم ,
فكيف بجهنم ذاتها ! أيها المؤمنون
التي اوقد عليها
أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ
حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ
سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ
مُظْلِمَةٌ
نعوذ بالله من النار
وإن المسلم العاقل يقف أمام هذه الأزمنة وتغيرها
, وهذه المواسم وتحولها
وقفة اتعاظ واعتبار
﴿ إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاواتِ وَالأرْضِ
وَاخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ لاَيَاتٍ لأوْلِى الألْبَابِ ﴾
فيرى هذه الشمس المحرقة ... فيتذكر أنه سوف يأتي
يوم تكون فيه هذه الشمس على مسافة ميل
يتذكر انه سيقف تحتها
لا أقول سيقف يوما واحدا أو يومين أوشهرا أو سنة
أو مائة سنة
لكنه سيقف خمسين ألف سنة , يقف حافيا عاريا , في موقف عصيب , ولحظات عسيره
كما قال صلى الله عليه وسلم
((تُدنو الشمس يوم القيامة من الخلائق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر
أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه،
ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق
إلجامًا)) رواه مسلم
فحق للعاقل أن يراجع نفسه .. وأن يفكر في
مصيره ..
و أن يسأل نفسه وهو يتقي حرّ الدنيا: ماذا أعدّ
لحرِّ الآخرة ونارها؟
فياغافـلاً عن
منايا ساقها القـدرُ مـاذا
الذي بعد شيب الرأس تتنظرُ
عـاين بقلبـك إن
العين غافلـةٌ عـن الحقيقـة واعلم أنها سـقرُ
سـوداء تزفر من
غيظٍ إذا سُعرت للظالميـن فمـا
تُبقـي ولا تـذر
لو لم يكن لك
غير الموت موعظةٌ لكان فيـه عن
اللـذات مزدجـر
عباد الله
بينما الناس في هذا اليوم العظيم وفي هذه المواقف
العصيبة وهذه المشاهد المروعة ..
وهذا
اليوم الذي مدته خمسين ألف سنة .. وهذه الشمس التي تدنو ميلا ..
حتى
قالوا الرواي : فما أدري أهو ميلة المكحلة أم ميل المسافة
تأتي البشائر من النبي صلى الله عليه وسلم لأهل
الإيمان والطاعة
فيقول صلى الله عليه وسلم
( يوم القيامة على المؤمنين كقدر مابين الظهر
والعصر)
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه , عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أنه قال ((يَوْمٍ
كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَقِيلَ مَا أَطْوَلَ هَذَا الْيَوْمَ
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ
لَيُخَفِّفُ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَتَّى يَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلاةٍ
مَكْتُوبَةٍ يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا))
فهنيئا لأهل الإيمان بهذا , هنيئا لأهل الطاعة
والصلاح , بهذا الفضل من الله تعالى
فاجتهد رعاك الله لتكون من أهل الإيمان والطاعة
تب من كل ذنب , أقم صلاتك وأد زكاتك , صل أرحامك
وبر بوالديك
تصدق وأنفق في سبيل الله ( فكل أمرئ في ظل صدقته
حتى يقضي بين الناس )
الناس في هذه الأهوال , وتحت هذا الحر الشديد
والمتصدق في ظل صدقته , متنعما بظلها الوارف حتى
يقضى بين الناس وحتى يحكم بينهم
أكثر من العبادة , اقرأ القرآن ... وأقم ليلك .... وصم نهارك
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر هذا
الشهر الذي نحن فيه شهر شعبان
حتى قالت عائشة رضي الله عنها
كما عند البخاري ومسلم: "ما رأيتُ رسولَ
الله - صلى الله عليه وسلم - استكملَ صيام شهر قطُّ
إلا شهر رمضان، وما رأيتُه
في شهرٍ أكثر صيامًا منه في شعبان"،
وفي رواية لأبي داود قالتْ: "كان أحبّ الشهور
إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
أنْ يصومَه ((
شعبان، ثم يَصِله برمضان".
وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ
اللهُ-تَعَالَى-عَنْهُما- قَالَ:
قُلْتُ:
(يَا رَسُولَ اللهِ! مَا لِي أَرَاكَ تَصُومُ فِي
شَعْبَانَ أَكْثَرَ مِمَّا تَصُومُ فِي غَيْرِهِ؟)
فقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلامُ-:
»شَهْرُ شَعْبَانَ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ
عَنْهُ، تُرْفَعُ
فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى
اللهِ، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُرْفَعَ أَعْمَالِي فِيهِ إِلَى اللهِ وَأَنَا صَائِمٌ)
ولقد كان الصالحون من هذه الأمة يستعدون في شهر
شعبان، ويتسابقون فيه على طاعة الله،
وكانَ يراجِع فيه
العاصون أنفسَهم؛ ليتوبَ الله عليهم، لِمَا عرفوا من
نفَحَاته وكَرَاماته،
فكانوا ينكبُّون
على كتاب الله يتلونه ويتدارسونه،
ويتصدقون من أموالهم، ويتسابقون إلى الخيْرات،
وكأنهم يُهيِّئون قلوبَهم لاستقبال نفحات
رمضان الكُبرى، حتى إذا دخلَ عليهم رمضان دَخَلَ عليهم
وقلوبُهم عامرةٌ بالإيمان
وألسنتُهم رطبةٌ بذِكْر الله، وجوارحُهم عفيفةٌ عن الحرام طاهرةٌ نقيَّةٌ
فيشعرون
بلذَّة القيام وحلاوة الصيام، ولا يَملُّون من الأعمال الصالحة؛ لأنَّ قلوبَهم
خالطتها
بشاشةُ الإيمان وتغلغَل نورُ اليقين في أرواحِهم.
بل كانوا يقولون: شهرُ رجب هو شهرُ الزرع، وشهرُ شعبان هو شهرُ سَقْي الزرع، وشهرُ
رمضان هو شهْرُ حَصادِ الزرع، بل شبَّهوا شهرَ
رجب بالريح، وشهرَ شعبان بالغيم، وشهْرَ
رمضان بالمطَرِ،
، فلنعمرَ
أوقات هذا الشهر المبارك بطاعة الله بقدْر استطاعتنا؛ كما
عمَّرها سلفُنا الصالح - رضي
الله عنهم
أقول قولي هذا واستغفر الله .. فاستغفروه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق