الأربعاء، 19 أبريل 2017

خطبة : أحب الناس إلى الله .. أنفعهم للناس

الحمد لله عالم الخفيات، رب الأرض والسماوات، أنزل الرحمات، وأفاض البركات،
وأشهد أن لا إله إلا  الله وحده لاشريك له  وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله
، بلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونصحَ الأمَّة، وجاهدَ في الله حقَّ جهاده،
حتى تركنا على
المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك
فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين
ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى،
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
عباد الله
جاء رجل إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله، أيُّ الناس أحب إلى الله؟ وأي
الأعمال أحب إلى الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الناسِ إلى الله .. أنفعُهم للناس ,
وأحبُّ الأعمالِ إلى الله .. سُرُورٌ تُدْخِلُه على مسلم, أو تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً أو تَقْضِى عنه دَيْناً أو
تَطْرُدُ عنه جُوعاً, ولأَنْ أمشيَ مع أخي المسلمِ في حاجةٍ .. أحبُّ إِلَىَّ من أن أعتكفَ في هذا
المسجدِ شهرًا.. ومن مشى مع أخيه المسلمِ في حاجةٍ حتى تتهيأَ له أثبتَ اللهُ قدمَه يومَ تَزِلُّ الأقدامُ"

فهنيئا للباذلين للخير والمعروف ,  وطوبى للنافعين للناس , طوبى لمن أدخل السرور على قلب
أخيه المسلم , فكشف عنه كربته , ومشى في حاجته حتى يقضيها
وأَكْرِمْ بِأَهْلِ الْمَعْرُوفِ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللهُ واصطفاهم لنفع الناس وقضاء حوائج المحتاجين ,
والسعي لحل المشاكل والخصومات

وقد أمر الله بفعل الخير ووعد صاحبه بالفلاح .. قال تعالى ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
وقال عليه الصلاة والسلام (كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ)

ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى  والقدوة الحسنة في الحرص على الخير , ونفع الناس
و اشتهر بذلك بين الناس حتى قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم
فهاهي  خديجة رضي الله عنها تقول للنبي صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي وخالف وهاله ذلك .. قالت له:
كلا .. والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق
و النبي صلى الله عليه وسلم يحث أمته على صنع المعروف , وعرفهم سبله وكيفيته , و
ويبين لهم فضلَه ومزيته،
قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ
كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا
كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ". رواه مُسْلِمٌ
وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
 "السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
فسعيك لخدمة المحتاج من أمرأة أرملة , أو رجل يحتاج إلى خدمتك أو منفعتك ,
كأنك مجاهد في سبيل الله أو كأنك قائم لليل صائم للنهار
فأكرم وأنعم بها من مزية , ذكر حسن في الدنيا , وأجر عظيم في الآخرة
ولقد اقتدى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في الحرص على
قضاء حوائج الناس , ونفع المسلمين
وكانوا يسعون لحل الخصومات بين الناس , وضيافة الضيف , وإعانة المحتاج , وخدمة الفقراء , وكانوا يتنافسون في ذلك
فهاهو ..  أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للضعفاء  أغنامهم ، فلما أصبح خليفة  قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها ، لأنه أصبح خليفة  فقال أبو بكر : بلى ..  وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه ,عن شيء كنت أفعله .( يعني من أمر الخلافة )
ولقد كان عمر يتعاهد الأرامل يسقي لهن الماء بالليل، ورأى طلحة عمر بن الخطاب مرة وهو يدخل بيت امرأة , فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت , فوجد فيه عجوزا عمياء مقعدة , لاتستطيع الحركة فسألها : ما يصنع هذا الرجل عندكِ  ؟ قالت : هذا منذ كذا وكذا يتعاهدني , يعني..  يخدمني يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى،
يفعل هذه الأمور وهو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين
وقال مجاهد: صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني.
وكان خالد القسري يقول : على المنبر أيها الناس عليكم بالمعروف فإن فاعل المعروف لا يعدم جوازيه
(( من يفعل الخيرَ لا يعدم جوازيه * * * لا يذهبُ العرفُ بين الله والناسِ))
وكان علي بن الحسين رحمه الله , يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في ظلمة الليل , لا أحد يراه وكان الفقراء لايدرون من الذي يأتي لهم بذلك  فلما مات فقدوا ذلك
فلما أرادوا يغسلوه بعد وفاته ,  جعلوا ينظرون إلى آثار سوادٍ في ظهره، فقالوا: ما هذا؟ فقيل:كان يحمل جِراب الدقيق ليلاً على ظهره، يعطيه فقراء أهل المدينة.
قال ابن عباس – رضى الله عنه – من مشى بحق أخيه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة
سعى مع أخيه في قضاء حاجته , أنهى له مشكلة , ساعده في وظيفة , ساهم في علاجه , ساهم  في إطلاق سراحه من سجن , وغير ذلك من وجوه المعروف
فأَكْرِمْ بهؤلاء الرِّجَالِ الَّذِينَ هُمْ شَامَةٌ فِي جَبِينِ الْمُجْتَمَعِ، سَلَامٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ أَنْ عَاشُوا هُمُومَ إِخْوَانِهِمُ
فَكَانُوا سَبَبًا فِي تَفْرِيجِهَا، وكانوا سبب في إسعادهم والقضاء على همومهم وأحزانهم
سَلامٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ أَنْ تَحَسَّسُوا حَاجَاتِ الْمُحْتَاجِينَ وَتَلَمَّسُوا بُؤْسَ الْبَائِسِينَ.
الخطبة الثانية
الحمد لله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله
صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
عباد الله
يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-( صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ ,, تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ )
فإذا صنعت المعروف وبذلت المعروف . وقاك الله وحماك من الفتن والشرور , ومن السقوط في الآفات والمهلكات , وحفظ الله أبنائك ومالك , وأدام عليك نعمة الخير
ونحن في هذه البلاد المباركة . ولله الحمد , قد سلمنا الله من الحروب , والعالم يحترق من حولنا .
وَلَعَلَّ هَذِهِ السَّلَامَةَ هي بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي يَبْذُلُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ حُكُومَةً وَشَعْبًا لِلْبِلَادِ الْمَنْكُوبَةِ،
فكم كانت هذه البلاد المباركة   يدٌ حانية تداوي جراحَ المسلمين،
تنطلق منها أعمالُ الإحسان وحملات الإغاثة في مشارق الأرض ومغاربها

وَلَيْسَ خَافِيًا عَلَى أَحَدٍ جُهُودُ هَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ فِي إِنْقَاذِ الْيَمَنِ مِنَ السُّقُوطِ فِي بَرَاثِنِ الْمَدِّ الصَّفْوِيِّ
الإيراني , الَّذِي اتَّخَذَ مِنَ الْحُوثِيِّينَ ذِرَاعًا لَهُ؛ لِتَحْقِيقِ مَآرِبِهِ،
وسعي دولتناِ الْحَثِيثِ لِإِعَادَةِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ لِلْيَمَنِ وَعُمُومِ الْمِنْطَقَةِ  ، وَإِعَادَةِ الْأَمَلِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ بِكَسْرِ الْمَشْرُوعِ الْبَاطِنِيِّ وَدَفْنِهِ،
نسأل الله عزوجل أن يعجل بذلك . وأن يحفظ بلاد الإسلام والمسلمين من كل سوء ومكروه
اللهم احفظنا بحفظك
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا ولا بيننا شقياً ولا محروماً
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين , واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا ،وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا..  واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك ياذا الجلال والإكرام
، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ،
اللهم عليك بالحوثيين ومن عاونهم , اللهم شتت شملهم , وفرق جمعهم , وانصرنا عليهم
اللهم كن مع إخواننا المرابطين على الحدود , اللهم سدد رميهم , ووحد صفهم , واجمع كلمتهم
اللهم انصر أهل السنة في العراق وفي الشام وفي كل مكان يارب العالمين

سبحان ربك رب العزة عما يصفون , وسلام على المرسلين , والحمدلله رب العالمين