إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ، ونستغفرهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ، ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه . وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
إخوة الإسلام
خلق الله الدنيا , وجعلها دار للإمتحان والإبتلاء والهموم والغموم , ووصف الله حال الإنسان في
هذه الحياة الدنيا فقال ( لقد خلقنا الإنسان في كبد)
وإن الذي ينظر في أحوال الناس يجد أنهم يتنوعون في تحمل هذه الهموم
والصبر على هذه الأنواع من البلاء،
لذا أمر الله عزوجل المؤمنين جميعا أن يصبروا على ما يصيبهم من بلاء
({إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ})
وأمر الله تعالى جميع الأنبياء بالصبر ... وأمر نبينا صل الله عليه وسلم بالصبر
فقال تعالى( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم)
ومدح الله تعالى أنبيائه بأنهم كانوا من الصابرين فمدح الله تعالى أيوب فقال (إنا وجدناه صابرا)
ومدح الله تعالى إسماعيل فقال جل في علاه:[ قال يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين
وفي كتاب الله آية عظيمة كفى بها واعظة ومسلية , عند وقوع المصائب :
قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ ٱلاْمَوَالِ وَٱلاْنفُسِ وَٱلثَّمَرٰتِ وَبَشّرِ
ٱلصَّـٰبِرِينَ ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رٰجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن
رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ)
يقول عمر رضي الله تعالى عنه :|وجدنا خير عيشنا بالصبر| من لم يصبر على لأوائه ولم يصبر على بلائه
ولم يصبر على كربته و مصيبته فقد ضيع على نفسه حلاوة الدنيا وأجر الآخره،
قال صلى الله عليه وسلم ){ عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له.) إن أصابه بسطة في ماله وصحة في جسده وسلامة في ولده كان خيرا له إذا شكر،
قال(وإن أصابته ضراء صبر.) إن أصابته ضراء في صحته أو في ولده أو في ماله أو في سمعته أو في وظيفته ) صبر فكان خيرا له( قال صلى الله عليه وسلم ( وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) ليس ذلك الأجر وذلك العلو وتلك الحلاوة ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.
فاصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ ....... وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ
وَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ الْكِرَامُ فَإِنَّهَا ..... نُوَبٌ تَنُوبُ الْيَوْمَ تُكْشَفُ فِي غَدِ
ومن نظر أيها المسلمون في حياة النبي صل الله عليه وسلم وجد أن الله تعالى لم يزل يصيبه
بأنواع من البلاء لأجل أن يرفع قدره في النبيين وفي الأولين والآخرين، ابتلي عليه الصلاة والسلام في
صغره باليُتم , فمات أبوه وهو في بطن أمه , ولما بلغ ست سنوات من عمره ماتت أمه , فكفله جده
حتى إذا عاش في كنفه سنوات مات جده ثم كفله عمه،
فلا يزال يتيما يتنقل بين يد تحن عليه أو يد تطعمه ولا يزال كلما تعلق بأحد يربيه مات عنه وتركه حتى كبر
عليه الصلاة والسلام ثم زاده الله تعالى شرفا وعلوا بالنبوة والرسالة وجعله خاتم الأنبياء
فلم تزل البلايا تنزل عليه تارة من الكفار وتارة من اليهود والنصارى
وتارة من المنافقين
حتى ابتلي عليه الصلاة والسلام في أهله وخاصته فإنه صل الله عليه وسلم
رزق بسبعةً من الولد: القاسم وعبد الله وإبراهيم , ومن البنات رقية وأم كلثوم وزينب وفاطمة،
وكلهم ماتوا تباعًا أمامه ,,, إلا فاطمة فماتت بعده
تخيل نفسك يا عبد الله وستة من أبنائك السبعة يموتون أمامك الواحد تلو الآخر
ولكن كان صلى الله عليه وسلم صابر محتسبا ممتثلا قول ربه : فاصبر صبرا جميلا
إن الإنسان إذا صبر وجد لذة الحياة الدنيا، وجد حلاوة الأجر ووجد حلاوة الرضى والشكر لرب العالمين
على ما أصابه،
أما من جزع فإن الجزع لا يصنع شيئا ولا يبني مجدا، وماذا تستفيد من جزعك على
مريض أو جزعك على ميت أو جزعك على مال فاتك أو على صحة جاوزتك ماذا تستفيد من جزعك ؟؟؟
إن المؤمن كلما ازداد صبرا على مصيبته عظَّم ذلك له الأجر وجاز له في الثواب عند ربنا جل في علاه.
إخوة الإسلام
قال صلى الله عليه وسلم: (( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط )) رواه الترمذي
وقال صلى الله عليه وسلم (مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ )) { رواه البخاري }
فلا يصيبُك قلق من مرض أو موت قريب ، أو خسارة مالية ، أوغيرها , فإن الله قد قدّر والقضاء قد حلّ ،
والاختيار هكذا ، والخيرة لله تعالى , الذي قدر الأمور وكتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة
قال تعالى مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَا ءاتَـٰكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
فوطن نفسك أيها المؤمن على أن كل ماحدث لك إنما هو بإذن الله عز وجل وقضائه وقدره فإن الأمر له،
وإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ))
فليهدا بالـَك – أيها المؤمن - ((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وقال تعالى أيضا ((فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)
فلا تحزن رعاك الله , , وأبشر بالفرج , وتفائل بالخير
ويا صاحب الهم إن الهم منفرج .... أبشر بخير فإن الفـارج الله
اليأس يقطع أحيانا بصاحبـه ......... لا تيأسـن فـإن الكافـي الله
الله يحدث بعد العسر ميسـرة ...... لا تجزعن فـإن القاسـم الله
إذا بليت فثق بالله وارضَ به .......إن الذي يكشف البلوى هو الله
اليأس يقطع أحيانا بصاحبـه ......... لا تيأسـن فـإن الكافـي الله
الله يحدث بعد العسر ميسـرة ...... لا تجزعن فـإن القاسـم الله
إذا بليت فثق بالله وارضَ به .......إن الذي يكشف البلوى هو الله
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم،
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :الحمد لله على إحسانِهِ، والشكرُ له على توفيقهِ وامتِنانِهِ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لِشأنِه، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسوله الداعي إلى رِضوانِه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا
أيها المؤمنون
ليعلم كل مسلم أن ما أصابه في هذه الدنيا لم يكن ليخطئه وما أخطئه لم يكن ليصيبه
وليبشر بفضل الله تعالى عليه في تكفير سيئاته ورفع درجاته
قال صلى الله عليه وسلم: (( ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى
الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )) رواه البخاري و مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة))رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم .
وأخيرا
جمع النبي صلى الله عليه وسلم مقومات الحياة السعيدة في عبارة بسيطة , ولخصها في ثلاث كلمات
فقال صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا